هبوط سلس
بالنسبة للمتطوعين مثل سامي راهيكاينين، فإن بناء الثقة مع المهاجرين الذين يأتون إلى مكان جديد بحثًا عن حياة جديدة أمر بالغ الأهمية. هذه قصته.
تفرض جائحة كوفيد-19 إجراء فحص دقيق بشأن كيفية تأهب المجتمعات والبلدان لأزمات متعددة ومتداخلة. وفيما يلي بعض الدروس التي تعلمها الصليب الأحمر الياباني بعد الكارثة الثلاثية المتمثلة في الزلزال والتسونامي وانهيار المحطة النووية التي وقعت قبل عشر سنوات في مثل هذا الشهر.
لقد مرت عشر سنوات منذ أن تسبب زلزال بلغت قوته 9 درجات قبالة الساحل الشمالي الشرقي لليابان في حدوث تسونامي/ موجات مد عاتية أودت بحياة 18.000 شخص، ودمرت بلدات ساحلية بأكملها وتسبب (وتسببت) بوقوع حادث نووي خطير في محافظة فوكوشيما نتج عنه إجلاء أكثر من 100.000 شخص من منازلهم.
واليوم، هناك بعض علامات التقدم نحو استعادة الحياة الطبيعية. فقد استُكمل تطهير الأراضي في معظم المناطق المتضررة في حين أن مستويات الإشعاع الجوي تعادل الآن تلك المُسجَّلة معظم المدن الرئيسية في العالم.
ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين عانوا من الزلزال والتسونامي عام 2011، ربما لن تكون الحياة على الإطلاق كما كانت. فقد خسروا أحباء. ودُمرت أحياء سكنية بالكامل. وفي المنطقة المتضررة من الإشعاع، لا يزال هناك حوالي 337 كيلومترًا مربعًا تعتبر “منطقة يصعب العودة إليها”، مما يعني أن أكثر من 37.000 شخص ما زالوا غير قادرين على العودة إلى منازلهم.
حتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين أتوا للمساعدة من أنحاء أخرى من اليابان، كان الحدث مؤلمًا، إلى حد كبير لأن أحدًا لم يتعامل من قَبل، بما في ذلك الصليب الأحمر الياباني، مع أزمات كبيرة ومتزامنة بهذا الحجم: فهي أزمة لم تطمس بلدات بالكامل في البحر فحسب، بل جعلت جهود الإنقاذ محفوفة بالمخاطر الشديدة بسبب التسمم الإشعاعي المحتمل.
وتتذكر ممرضة الصليب الأحمرAyumi Watanabe كيف كان فريقها يقدم المساعدة الطبية للأشخاص المرهقين والخائفين في قاعة الألعاب الرياضية في بلدة سوما.
وتروي قائلةً: “انفجرت محطة الطاقة النووية ولم يكن لدينا خيار سوى المغادرة. ووصلتنا تعليقات من أشخاص تم إجلاؤهم تلقي اللوم علينا مثل، “أنتم تتخلون عنّا، أليس كذلك؟”. وإذ ساورتنا مشاعر مختلطة من الذنب والشعور بالخوف من الإشعاع، أجبرنا أنفسنا على الانتقال إلى كاواماتا. كاد قلبي ينكسر من الحزن”.
وفيما يتمتع الصليب الأحمر الياباني بخبرة طويلة في مجال تقديم العلاجات الطبية من التسمم الإشعاعي في بعض المستشفيات التي يديرها (نظرًا إلى إرث علاج الناجين من انفجار القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي)، لم تكن الجمعية الوطنية مستعدة للتعامل مع مثل هذا التلوث الواسع الانتشار من المواد المشعة.
وفي أجزاء كثيرة من العالم، ينكشف وضع مماثل مع انتشار كوفيد-19، إذ إن الأنظمة الصحية عملت بشكل مكثف على التكيف مع الوضع بموازاة الحفاظ على العاملين في مجال الرعاية الصحية بأمان قدر الإمكان. وبانتشار كوفيد-19، كان لدى معظم المجتمعات بعض الوقت للاستعداد لوصول الفيروس. غير أن الأمر لا يزال يمثل تحديًا هائلاً عندما تتسبب جائحة أو عامل سام أو ملوث إشعاعي في تعقيد جهود الطوارئ.
لهذا السبب، بالنسبة إلى كثيرين في الصليب الأحمر الياباني، تُعد الذكرى العاشرة للزلزال والتسونامي هي وقت حاسم للتأكيد على أهمية الاستعداد لهذا النوع من الأزمات المتداخلة.
وزاد تفشي كوفيد-19 من هذا الوعي. ففي الأماكن التي تتعافى فيها المجتمعات المحلية من تأثير العواصف، تسبب الجائحة في حدوث مضاعفات جديدة هائلة، في حين إن الأماكن التي تكافح للتصدي لكوفيد-19 وجدت نفسها في مواجهة إعصار أو أزمة أخرى واسعة النطاق.
وعلى سبيل المثال، كانت اليابان لا تزال تتعافى من إعصار هاجيبس في عام 2019 عندما بدأت جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى التعافي وتسبب في مزيد من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية.
ويقول Masakazu Karube، وهو المدير العام لإدارة الكوارث والرعاية الاجتماعية في الصليب الأحمر الياباني، إن هذا سبب من أسباب أهمية تبادل البلدان ما تعرفه وتوحيد جهودها لإعداد خطط الاستجابة – خاصة للكوارث المعقدة التي تنطوي على مخاطر تكنولوجية مثل المواد المشعة أو البيولوجية أو السامة.
ويتابع قائلًا: “ما حدث في فوكوشيما كان كارثة ثلاثية تنطوي على زلزال وتسونامي وحادث نووي. ومن المهم جدًا تبادل ما تعلمناه مع العالم. فحوادث محطات الطاقة النووية لا تحترم الحدود ولا يمكن أن يحلها بلد المنشأ وحده”.
وبالنسبة إلى الصليب الأحمر الياباني، كان ذلك درسًا مؤلمًا. ففي الأيام التي أعقبت هذه الكارثة الثلاثية، وجدت فرق الإغاثة التابعة للصليب الأحمر الياباني نفسها في موقف معقد للغاية بسبب نقص المعرفة بالإشعاع، ونقص معدات ومواد الحماية من الإشعاع مثل أجهزة قياس مستويات الإشعاع، وغياب معايير للأنشطة في بيئة إشعاعية.
ويُتابع قائلًا في هذا الصدد: “في ذلك الوقت، لم يكن لدى الصليب الأحمر الياباني بروتوكولات واضحة لصون سلامة أعضاء فريق الإغاثة أثناء الاضطلاع بأنشطة الإغاثة في بيئة إشعاعية. وإضافة إلى ذلك، لم تسمح المخاوف والقلق إزاء الإشعاع للفرق أن تنفذ آنذاك أنشطة إغاثة كافية في فوكوشيما”.
وأدى حجم الكارثة المدمر أيضًا إلى زيادة الوعي بضرورة معالجة الصحة العقلية للأشخاص المتضررين. ولهذا السبب، وضع الصليب الأحمر الياباني مسألة الدعم النفسي والاجتماعي بوصفها أحد أنشطة الإغاثة الرئيسية.
“من المهم جدًا مشاركة ما تعلمناه مع العالم. فحوادث محطات الطاقة النووية لا تحترم الحدود ولا يمكن أن يحلها بلد المنشأ وحده”.
السيد Masakazu Karube، المدير العام، إدارة الكوارث والرعاية الاجتماعية، جمعية الصليب الأحمر الياباني
تلقي الاستجابة الصحيحة أمرٌ بالغ الأهمية لأنه من المتوقع حدوث المزيد من الزلازل في المستقبل القريب، في حين أن تغير المناخ جعل الأعاصير والفيضانات النهرية أكثر اشتدادًا في السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال، في فبراير، ضرب تردد عن زلزال شرق اليابان الكبير قبالة ساحل محافظة فوكوشيما، ولكن لحسن الحظ لم يكن له أي تأثير على المنشآت النووية.
ويقول السيد Karube في هذا الصدد: “نظرًا إلى أن الحادث النووي غالبًا معروف بـ”كارثة منخفضة التردد ولكن شديدة التأثير”، يكون التأثير مرتفعًا جدًا بمجرد حدوثه”. لا نعرف متى سيقع مرة أخرى، ولكننا الآن أكثر استعدادًا. وتتحمل الدولة المضيفة لمحطات الطاقة النووية مسؤولية الاستعداد لأي طارئ، ليس من أجل مواطنيها فحسب بل أيضًا من أجل البلدان المجاورة والأماكن الأخرى”.
وهذا أحد الأسباب التي دفعت الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي) إلى زيادة الاستثمار في التأهب للكوارث المتعددة. وتُنفق أموال طائلة على التخطيط ليس بسبب إنقاذ الأرواح البشرية فحسب، بل أيضًا لأنه يقلل من الضرر ويسرع وتيرة التعافي الاجتماعي والاقتصادي.
وكان الصليب الأحمر الياباني، من جانبه، يستعد لحالات الطوارئ النووية المحتملة في المستقبل من خلال تعزيز قدراته على الاستجابة لحالات الطوارئ النووية، ووضع معايير أمان ومعايير فنية واضحة، وتدريب الموظفين، وجمع ونشر المعلومات عن حالات الطوارئ النووية (انظر أدناه للمزيد من التفاصيل).
وستكون مشاركة تجربة Ayumi Watanabe والاستفادة منها، بصفتها ممرضة في الصليب الأحمر الياباني، إحدى الطرق لتحقيق شيء إيجابي من ذلك اليوم المرعب. وتستذكر قائلةً: “أتذكر في مركز الإجلاء في فوكوشيما مناسبات لا تُحصى قيل لي فيها: “شكرًا على جهودك من أجل رعايتنا”… أشعر الآن أنه كان ينبغي لي أن أشكرهم، فها أنا ذا اكتسبت هذه التجربة القيمة. أعتقد حقًا الآن أنه لم تحصل أشياء سيئة [بسبب هذه المأساة] فحسب، ولكن بعض الأشياء الجيدة أيضًا”.
ما الذي يمكن أن تفعله الجمعية الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر من أجل الاستعداد لكارثة تكنولوجية متداخلة؟ فيما يلي ست خطوات رئيسية أوصى بها الصليب الأحمر الياباني وخبراء آخرون.
يشكل تفاني المتطوعين أحد الأسباب الرئيسية التي تمكن الصليب الأحمر الفنزويلي من مساعدة الناس الموزعين بين جميع الفرقاء السياسيين.