vc_edit_form_fields_attributes_vc_ تكبيل أيدي مقدمي المساعدة | الجزء الثاني – الصليب الأحمر الهلال الأحمر
خاص| ثقة

تكبيل أيدي مقدمي المساعدة | الجزء الثاني

تنطوي القوانين التي ترمي إلى الحد من الدعم المقدم للجماعات التي تعتبر “إرهابية” على آثار غير مقصودة على المعونة الإنسانية – في الأماكن التي تشتد فيها الحاجة إلى هذه المعونة.

بقلم مالكولم لوكارد.
مالكولم لوكارد هو محرر مجلة الصليب
الأحمر والهلال الأحمر

يتعين على المنظمات الإنسانية أن تتغلب في الأماكن التي هي في أمس الحاجة إلى الأنشطة الإنسانية –غالباً ما تتمثل في مناطق القتال المعقدة التي تأوي مجموعات مسلحة متعددة- على طائفة مذهلة من العقبات بل وحتى على تحديات مهددة للحياة حتى تتمكن من تقديم المساعدة للأشخاص العالقين في مناطق النزاع.

ومع ذلك، يواجه العاملون في المجال الإنساني على نحو متزايد تقييدات جديدة. ولا تنشأ هذه الحواجز بسبب الديناميات السائدة في ساحات المعارك.

ويرى مؤيدو هذه التدابير أن التقييدات تخفف من المعاناة الإنسانية التي تتسبب هذه الجماعات في حدوثها، ولكنها تضع منظمات المعونة في موقف صعب. ويشعر عمال ومنظمات الإغاثة، الذي يواجهون بالفعل مخاطر متعددة في الميدان، بقلق متزايد إزاء الملاحقات الجنائية في حالة وقوع المبالغ التي يوزعونها، حتى وإن كانت صغيرة، في أيدي إحدى الجماعات التي تُعتبر إرهابية.

ويقول جاكوب كورتزر، نائب مدير برنامج الخطة الإنسانية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة: “تواجه المنظمات الإنسانية مخاطر كبيرة، ويبدي الناس شجاعة كبيرة بقبولهم العمل في بعض من هذه الأماكن”. ويضيف قائلاً: “على نحو متزايد، لم تعد المنظمات الإنسانية تتعرض لمخاطر مادية فحسب، بل أصبحت عرضة لمخاطر قانونية جسيمة أيضاً”.

ويورد كيرتزر في آخر تقرير أصدره بعنوان “الرفض، التأجيل، التحويل: مواجهة تحديات الوصول في مشهد إنساني آخذ في التطور”، طائفة واسعة من الطرق التي تُحظر فيها المعونة في الوقت الذي تزداد فيه الاحتياجات الإنسانية بشدة. ويرى أن القوانين والتدابير المتعلقة بمكافحة الإرهاب تشكل جزءاً من هذا المزيج الذي يجمع بين إبطاء المعونة، وزيادة التكاليف، وقطع الإمدادات، وفي بعض الحالات، إجبار مجموعات المعونة على وقف العمليات أو حتى الدفاع عن عمالها في مواجهة الملاحقات.

وليست هذه القوانين بالأمر الجديد. وقد وُضع معظمها في السنوات التي أعقبت الهجمات التي تعرض لها مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة في عام 2001 في إطار استراتيجية أوسع نطاقاً ترمي إلى قطع مصادر تمويل الشبكات الإرهابية. ولكن مع اعتماد المزيد من البلدان – من بينها بعض البلدان المانحة الرئيسة في مجال العمل الإنساني – لقوانين وسياسات بشأن مكافحة الإرهاب، فقد أصبحت مجموعات المعونة عرضة لطائفة واسعة من الآثار المترتبة على ذلك.

تضطلع الدول، من جهة، بتمويل عملنا، وتقوم من جهة أخرى – عن غير قصد في أغلب الأحيان – بتجريم النشاط المحدد الذي طلبت منا الاضطلاع به بموجب اتفاقيات جنيف.

وتظهر أكبر التحديات في أماكن مثل غزة والعراق ومالي ونيجيريا وسورية واليمن، حيث تنشط الجماعات التي تعتبر متطرفة أو إرهابية. ويقول تريستان فيرارو، المستشار القانوني للجنة الدولية، والمتخصص في موضوع تأثير تدابير مكافحة الإرهاب على الأنشطة الإنسانية: “تكمن المشكلة في أن الأماكن التي تعرقل فيها القوانين المعونة الإنسانية هي على وجه التحديد الأماكن التي يحتاج فيها السكان أشد الاحتياج إلى أنشطتنا”.

وعلاوة على ذلك، فإن من المستحيل تقريباً ضمان أن تقدم في العديد من هذه الأماكن، معونة محكمة الإغلاق، وهو ما أفاد به غاريث برايس-جونز، الأمين التنفيذي للجنة التوجيهية للاستجابة الإنسانية، وهي منتدى يناقش سياسات المعونة ويضم تسع منظمات أعضاء، بما فيها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ويقول السيد برايس -جونز أيضاً إنه على الرغم مما أدخلته منظمات المعونة الدولية خلال السنوات الأخيرة من تحسينات كبيرة على نظم التقييم والمساءلة، فإنه لا وجود لنظام خال تماماً من الثغرات. ويضيف قائلاً: “ومن الصعب للغاية أن يضمن بشكل مطلق، في أماكن مثل سورية التي توجد فيها جماعات مسلحة متعددة تعتبرها عدة حكومات إرهابية، عدم تحويل أي معونة بشكل أو بآخر”.

ويوضح السيد برايس -جونز، الذي يشغل أيضاً منصب كبير منسقي السياسات الإنسانية والدعوة في منظمة كير الدولية: “لذلك، لم تعد بعض المنظمات تعمل في بعض المناطق أو أصبحت ترفض الأموال التي تأتي من بعض الدول المانحة”.

ومع ذلك، لا يعترض معظم الخبراء على أن تحويل الجمعيات الخيرية المشكوك فيها للمعونة الدولية يمثل مشكلة حقيقية. ولكن إذا لم يُفعل أي شيء لتحقيق التوازن بين الشواغل الإنسانية والقضايا الأمنية، فإنه سيتعين على مجموعات المعونة أن تحصر عملها في المناطق “المأمونة” من الناحية القانونية – وهو ما يقوض مبدأ عدم التحيز الذي يقوم عليه عملها، وهو مفهوم يفيد بأن المعونة لا تقدم إلا على أساس الحاجة فقط. وقد يؤدي ذلك في المقابل إلى تقويض الثقة التي يوليها الناس في مناطق النزاعات لمنظمات المعونة، والتي قد تمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى العاملين في مجال تقديم المعونة في مناطق القتال.

ويتمثل أحد دواعي القلق الرئيسية الأخرى في إدراج البنود المتعلقة بمكافحة الإرهاب في اتفاقيات تمويل المعونة والتي تفرض شروطاً شديدة بشأن الطرق التي تستخدم بها الأموال. وغالباً ما تفرض هذه البنود أيضاً متطلبات إبلاغ مرهقة.

وتقتضي أيضاً الجزاءات وإجراءات الحظر الاقتصادية من مجموعات المعونة أن تتغلب على الأوضاع التعسفية وتحصل على موافقة وكالات متعددة قبل استيراد السلع أو تحويل العملات التي هي في أمس الحاجة إليها.

وبموازاة ذلك، تؤكد مجموعات الإعانة أن المصارف ترفض، في أغلب الأحيان، إجراء التحويلات المالية إلى البلدان التي تنشط فيها الجماعات المتطرفة (أو الخاضعة لجزاءات) خشية أن تكون هذه المعاملات مخالفة للعدد المتزايد من القيود القانونية.

استثناء لأسباب إنسانية

يتمثل أحد الحلول الممكنة فيما يسمى بـ”الاستثناءات الدائمة لأسباب إنسانية” التي يمكن من خلالها لمجموعات المعونة التي تلتزم بمبادئ الحياد والاستقلال وعدم التحيز، وتتصرف بطريقة تتماشى مع اتفاقيات جنيف، أن تنشط إلى حد بعيد خارج إطار مكافحة الإرهاب. ويتضمن أحد التوجيهات الجديدة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، استثناءً من هذا النوع.

وفي حالة قيود التمويل المفروضة في الاتفاقيات المبرمة بشأن المنح، تتفاوض المنظمات بوجه عام على التحفظات على أساس كل حالة على حدة. ويقول السيد فيرارو إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي أنشئت لتعمل على نطاق دولي، قد نجحت بشكل عام في التفاوض بشأن الشروط التي لا تنتهك مبادئ المنظمة.

وفيما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية الأصغر حجماً والتي تتمتع بقدرة تفاوضية أدنى وآليات إبلاغ أقل تطوراً وتضم أفرقة قانونية أقل عدداً، فإن ذلك يفرض عليها تحديات أكبر. وتمثل هذه المنظمات الأصغر حجماً جزءاً هاماً للغاية من النظام الإيكولوجي للمعونة، حيث إنها توفر طائفة واسعة من الخدمات المجتمعية المحددة والبالغة الأهمية. ولذلك، يتعين على مجموعات المعونة الكبيرة أن تقدم مسوغات قوية لدعم جميع مجموعات المعونة الشرعية المؤهلة.

ويتمثل جزء كبير من المهمة المنتظرة في زيادة توعية الجهات الفاعلة السياسية بالتحديات الميدانية التي تنطوي عليها الأعمال الإنسانية، والأثار السلبية المترتبة على التدابير المتعلقة بمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الالتزامات القانونية والأخلاقية الأخرى التي تقع على عاتق الدول فيما يتعلق بتيسير سبل الإغاثة الإنسانية.

على نحو متزايد، لم تعد المنظمات الإنسانية تتعرض لمخاطر مادية فحسب، بل أصبحت عرضة لمخاطر قانونية جسيمة أيضاً.

وتنص اتفاقيات جنيف على أن الأطراف المتحاربة ملزمة بضمان مقومات الحياة الأساسية للمدنيين الخاضعين لسيطرتها وحفظ كرامتهم. ويجب عليها، في الحالات التي لا تستطيع فيها الوفاء بهذا الالتزام، أن تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية غير المتحيزة وتيسر ذلك. ومع ذلك، فقد طُوّرت أطر مكافحة الإرهاب إلى حد بعيد من خلال “منظور أمني” مع عدم إيلاء الاعتبار الكافي للمسائل الإنسانية أو حتى للاعتبارات الأخرى المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الخارجية.

ويلاحظ السيد فيرارو قائلاً: “لذلك، فهناك نهج ينطوي على التناقض حيث تضطلع الدول، من جهة، بتمويل عملنا، وتقوم من جهة أخرى – عن غير قصد في أغلب الأحيان – بتجريم النشاط المحدد الذي طلبت منا الاضطلاع به بموجب اتفاقيات جنيف”.

ويقول السيد كورتزر إن المهمة المنتظرة تتمثل في إذكاء الوعي بالآثار غير المقصودة التي تترتب على هذه القوانين في ضوء ما تتسم به النزاعات المسلحة الحالية من تعقيد. ويمضي قائلاً: “عوض أن تركز المنظمات الإنسانية طاقتها الفكرية على إعداد أفضل استجابة لأشد الاحتياجات إلحاحاً في سياقات بالغة التعقيد، فإن عليها أن تصرف الكثير من هذه الطاقة في العمل على تحديد ما إذا كانت المنظمة تمتثل للوائح التنظيمية وتحديد الطرق الكفيلة بتحقيق ذلك”. ويضيف قائلاً: “لا أعتقد أن هذا هو ما ترغب فيه الجهات المانحة”.

الأكثر قراءة

تكبيل أيدي مقدمي المساعدة | الجزء الأول

تُعالج ظاهرة الهجرة على نحو متزايد بوصفها مسألة أمنية وليس كشاغل من الشواغل الإنسانية، ولذلك ينظر إلى المهاجرين وإلى الأشخاص الذي يحاولون مساعدتهم على أنهم مجرمين. وتقول مجموعات المعونة إن حياة المهاجرين – والثقة اللازمة لمساعدتهم – معرضة للخطر.

فسحة من الوقت

حينما تصبح العواصف والفيضانات أشد تطرفاً وأقل قابلية للتنبؤ بها، فإن توقعات الأحوال الجوية تدفع إلى حشد التمويل لعمليات الإغاثة قبل وقوع الكوارث، مما يتيح للناس الوقت اللازم للتأهب وإمكانية إنقاذ عدد أكبر من الأرواح.

Finding peace of mind

Mental health and psychosocial services can be critical to recovery efforts in times of crisis.

ذات صلة

هبوط سلس

بالنسبة للمتطوعين مثل سامي راهيكاينين، فإن بناء الثقة مع المهاجرين الذين يأتون إلى مكان جديد بحثًا عن حياة جديدة أمر بالغ الأهمية. هذه قصته.

النهر الذي يُعطي ويسلب

تشكل مخاطر الفيضانات التي تتعرض لها مقاطعة رانغبور في بنغلاديش تحدياً كبيراً يعترض حياة الناس في مجتمعات الصيد المحلية الصغيرة. ولا يزال الناس، حتى بعد الدمار الذي خلّفه موسم الرياح الموسمية في عام 2019، يسعون جاهدين لإعادة بناء سبل عيشهم من نقطة الصفر.

هذا المنشور متوفر أيضًا ب:

اكتشف المزيد من القصص

احصل على قصص تستحق المشاركة وتُرسل إلى صندوق بريدك

ترغب في الاطلاع على آخر المستجدات؟

قد يثير هذا اهتمامك...

” يمكنني أن أضع نفسي في مكانهم”

أجبر النزاع وليد على ترك منزله. وهو يساعد الآن الآخرين الذين يُعانون من الوضع نفسه.

القِ نظرة